Tuesday, December 05, 2006

!قداس مار جرجس عمل معجزة .. وصار الشيعة يرتلون

قداس مار جرجس عمل معجزة .. وصار الشيعة يرتلون!
04 كانون الأول 2006 AL SAFIR

فاتن قبيسي- مع تقدم عقارب الساعة خلال نهار امس، كانت ساحتا <رياض الصلح> و<الشهداء>، تمتلئان تدريجياً بجماهير المعارضة. اصبح مشهد الحشود الشعبية حوالى الثالثة بعد الظهر، ومع اقتراب موعد المهرجان الذي شارك فيه الوزيران السابقان سليمان فرنجية وطلال ارسلان، يقارب ذلك الحشد الضخم الذي طُبع به المكان، في يوم التحرك الاول.

واذا كان يوم الاحد اعاد الزخم الى الشارع، الا انه كان ثمة شيء مختلف. الاعتصام كان <ناطقا> اكثر هذه المرة، قياساً الى اليومين الماضيين. الاجواء كانت اشد حماسة، الحناجر هتفت بكل انواع الشعارات والهتافات، مجموعات من الشبان شكلوا حلقات دبكة على وقع اغنيات وطنية. مجموعات من المشاركين هنا وهناك غاصوا في تحليلات الوضع السياسي، وهتفوا باسم هذا الزعيم او ذاك. عدد الخيم المنصوبة ارتفع امس، وكل خيمة مذيل عليها توقيع حزب من احزاب المعارضة المشاركة.
انه يوم عطلة، لم يكن امس نهاراً للاستجمام او النزهات. انقلب الطابع الشخصي لهذا اليوم الى الهم الوطني. ثمة مزيج طائفي ملأ المكان. شعارات الاحزاب وألوان اعلامها تداخلت في ما بينها. البعض اعتمر القبعة الصفراء التي كتب عليها: <لبيك يا نصر الله> وارتدى التيشرت البرتقالية. محجبة حملت صورة الجنرال وهتفت باسمه. حتى <البالونات> التي انتشرت في المكان من خلال باعة متجولين، جمعت الاصفر والاخضر والبرتقالي وتعانقت في اشارة الى توحد المسارات الحزبية.
فترة ما بعد الظهيرة انقلبت الى ساعات احتفالية. تذكر الى حد ما بأجواء <مهرجان الانتصار> الذي اقامه <حزب الله> بعد حرب تموز. <نصرك هز الدني>، ومقتطفات من خطابات السيد حسن نصر الله والجنرال ميشال عون تردد صداها مراراً عبر مكبرات الصوت.
عربات لبيع الفول والترمس والكعك، مشهد طارئ في وسط بيروت، يستعين بها بعض المعتصمين على الصمود. وعدد من الفانات لبيع القهوة والشاي تشحذ همتهم بجرعات من <الكافيين>. بسطات لبيع الاعلام اللبنانية والقبعات يستوقف اصحابها العابرين. وفان <للهيئة الصحية الاسلامية> مجهز بمستلزمات الاسعافات الاولية متواجد احتياطاً.

القداس

عند الحادية عشرة بدأ القداس الذي دعا اليه <التيار الوطني الحر> في كنيسة ما جرجس. <خلي الاصلاح قدامك> عبارة طبعت على <تيشرتات> برتقالية. شعور مستعارة كثيفة الحجم باللون ذاته غطت بعض الرؤوس. اللون البرتقالي غزا مدخل الكنيسة والساحة المؤدية اليه. يليه اللون الاخضر الخاص بتيار المردة.
<اصبح للعمالة نكهة.. شاي فتفت>. <عونك جايي من الله.. وحدك مردة وحزب الله>، <مجد لبنان لن يُعطى بعد الآن الا للجنرال وامثاله>.. كلها لافتات رفعها المشاركون في القداس. وحُملت صور الجنرال عون، واغلبها يعود الى فترة قيادته للجيش مرتدياً البدلة العسكرية. فيما احتلت صور فرنجية ازرار القمصان والفولارات المعقودة حول الرقاب.
ترأس القداس راعي ابرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر، عاونه المونسنيور ميشال عون وعدد من الكهنة. وشارك فيه النواب نبيل نقولا، عصام ابو جمرا، عباس هاشم، ابراهيم كنعان، وليد خوري، ادغار معلوف وشامل موزايا، مروان فارس. مسؤول العلاقات السياسية في <التيار الوطني الحر> جبران باسيل، السيدة مريم سكاف، رئيس حزب <التضامن> اميل رحمة وفاعليات من تيار <المردة> و<حزب الله> وحركة امل.
القى مطر عظة دعا فيها الى جمع الصفوف والتفاهم، <لأن الاخوة في وطن واحد وتحت سقف واحد يجب ان يتفاهموا، وما من صعوبة في ذلك، اذا قبل الاخوة بعضهم بعضاً وسمعوا بعضهم بعضا>. وقال:<لبنان اصبح وطن القديسين والشهداء>.
ورد النائب نقولا على اسئلة الصحافيين قائلاً: <مستمرون حتى النهاية لتسقط هذه الحكومة، ونحن نعرف نهاية الديكتاتوريات في العالم>.
واللافت هو ان معظم اللافتات المرفوعة بالمناسبة تحمل اسماء المناطق التي وفد اصحابها منها: زحلة، جونية، صفرا، جبيل، عمشيت، وغيرها. الامر الذي لم يكن اعتباطياً، بحسب عدد من المشاركين في القداس. <انه جمهور مسيحي ومن كل المناطق رداً على من يقولون بان المعتصمين من لون طائفي واحد>، يقول رئيس <هيئة السيدة> في زحلة غسان ملو. <وهذا القداس، يضيف، هو على نية شهدائنا، حتى لا احد <يزايد> علينا من خلال القول بانهم دفعوا شهداء>.
ويقول رمزي فرح متهكماً: <مار جرجس عمل اعجوبة اليوم.. الشيعة صاروا بيعرفوا يرتلوا <ابانا الذي في السموات!>.
<كل هذا الحشد هو اقلية بحسب <ال.بي.سي> و<يفتقد الى الحضور المسيحي> يعلق جهاد اشقر. ويؤكد <ما يجعلنا نتأكد بأننا على حق هو اعلام هذه المحطة وزميلتها <المستقبل>.
ويتدخل ايلي يوسف قائلاً لزميله:<انا مسيحي شيعي يا خيي.. وتستدل على ذلك من اسمي>. ويتساءل: <اذا كسروان وجبيل والمتن صاروا شيعة، ليش البطرك بعدو ماروني؟>.
ويشير رمزي الى سيارة كبيرة خاصة بفريق تلفزيون <المنار> ليقول: <هينة تشوفي القداس <عالمنار>. انها قمة التعايش>. ويضيف:<اليوم عم يعملوا قداس كمان بالسراي.. بدنا نستقيل، بركة بيعملوا متلنا!>.
ويستوقف الحديث الدائر رجلا مسنا من العاقورة يدعى جورج الهاشم، فيتساءل: <وينو سيدنا البطرك، ليش ما بقدّس هون، بقدّس بس مع جعجع اللي قتل المسيحيين؟>.
تقاطعه شفيقة دحدوح من الصهيلة بقولها: <ما بدنا بطرك لقريطم، وكل اللي عم بساندوا السنيورة اليوم كانوا ضدنا بحرب تموز؟>.
قرابة الساعة، استمر التوافد متواصلاً للمشاركة في القداس. سيارات وفانات كانت تنقل الناس الى المكان الذي ساده الخشوع والصمت. وما ان انتهى القداس واعلن عن مشاركة فرنجية في المهرجان بعد ساعات قليلة، حتى غرق المشاركون في نوبة من الهتافات:
<انت البطرك يا سليمان>. <طاق طاق طاقية.. حزب وحركة وعونية>. <ال.بي.سي> قولي الحق نحنا الاكثر ولاّ لأ>. <ما بتنباع الرئاسة الا لعون القاسي>. <اخضر اصفر ليموني بدنا نسقّط الحكومة>. <اخضر اصفر كلمنتين بدنا نسقّط سعد الدين>.
في هذه الاثناء كانت ساحة القداس تفرغ تدريجياً لصالح ساحتي <الشهداء> و<رياض الصلح<. الساحتان عند الظهيرة كانتا عامرتين بجماهير المعارضة. عناصر اللجنة التنظيمية التابعة <للتيار الوطني الحر> و<الإنضباط> التابعين لحزب <الله> انتشروا بكثافة داخل وخارج الساحتين.
في الطريق المؤدية الى ساحة الشهداء، انتشرت صور الوزير السابق طلال ارسلان تحت كلمة <الضمانة> ودخل بعض انصار <الحزب الديموقراطي اللبناني> في حلقات دبكة على وقع اغنية <السيف اللي عالاعداء طايل>. والساحة شهدت ما يشبه المهرجان المصغر. اغاني وطنية هادرة اشعلت المشاركين حماسة: <عونك جايي من الله يا لبنان الغالي>، <نزل التيار عالارض>، <حي على الاصلاح>، <لعيونك يا سليمان>، <نحنا رجالك يا سليمان>.
كان المعتصمون يرفعون تارة قبضاتهم مرددين الاغنيات الثورية، واخرى يهتفون: <الله ونصر الله والرابية كلها>، <ايه ويلا السنيورة طلاع برا>. فيما كان احد المنظمين يدعو عبر مكبرات الصوت التجمعات خارج الساحة واسراب الواقفين فوق جسر رياض الصلح المقابل، الى الانضمام الى الساحة بداعي التنظيم.

باسيل

قرابة الواحدة اعتلى جبران باسيل المنبر والقى كلمة بالعامية قال فيها: <الكل يهربون ونستمر واقفين، لأننا ام الصبي واصحاب القضية>. مستشهداً بالمواجهة مع سوريا ومع اسرائيل.
واضاف: <تحاورنا بشأن الانتخابات النيابية والتحالفات، ثم بشأن تشكيل الحكومة، ثم بشأن المواجهة مع اسرائيل، ثم بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وكانوا في كل مرة يقولون لنا: <ما الكم محل بيناتنا.. عم يعطونا المقاعد كأنها منّة وعم نشحدها شحادة. نحن واياكم نأخذ حقوقنا بايدينا، وراسنا مرفوع، وما حدا بصنفنا مسلمين ومسيحيين، كلنا لبنانيين>.
واصر باسيل على المطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة الفريق الحاكم <على علاته>، الا انهم يرفضون لأنهم يستقوون بالخارج>.
وختم بقوله: <نحن و<حزب الله> وحركة امل وكل المعارضة. لسنا وحدنا، لا احد يخاف. ولا احد يهوّل علينا بالمشاكل والفتن. هذه المعركة ما بتنتهي الا بالانتصار، ولا مرة وعدناكم بشي الا وصار>.
ثم تحدث منسق عام التيار بيار رفول عن المبادرة التي من المقرر ان يحملها معه امين عام الجامعة العربية الى لبنان، قائلاً <اذا لم تكن مناسبة رح تمشي مبادرة الشعب الحر الشريف>.
وقال: <لا يمكنهم العيش الا على النعرات الطائفية، من خلال وحدتنا سنسقطهم ونفتفتهم. يراهنون على قصر النفس لدينا، وكذلك فعلوا خلال حرب تموز، وكنا نبني في كل يوم مدماك النصر اكثر فأكثر و<هنّ عم بهرّوا>.

No comments:

Post a Comment