Thursday, March 15, 2007

أيقونة العذراء في كنيسة السيدة ترشح زيتاً


عشرات تبرّكوا منها وتهافت يومي حتى الليل:
أيقونة العذراء في كنيسة السيدة ترشح زيتاً


كتبت هالة حمصي:
الزجاج الخارجي كان اقصى ما امكن الايدي الوصول اليه. عليه انطبعت عشرات البصمات والقبل واللمسات والدموع وبخار التنفسات التائقة... كأنها ودائع حب بشرية. كان الفاصل بين عشرات المؤمنين و"دمعة" زيت سماوي رشحت من اليد اليمنى للطفل الالهي المحمول على ذراعي العذراء مريم. "هل رأيتها، هل رأيتها؟"، تسأل سيدة التصقت بمنصة الايقونة. "آه، نعم، نعم"، تجيب رفيقتها بعدما أمعنت النظر في الايقونة، وتصرخ بعفوية: "يا عدرا، دخيل اسمك. ما تتركينا. يا عدرا يا عدرا يا عدرا". تقرب شفتيها من الزجاج، تلثمه بكل حنان، كأنها تلثم الايقونة... وتلمس بيدها وجه العذراء امامها، وتصلي بهمس.
"ايقونة السيدة العذراء ترشح زيتا". الخبر تنقل بين الناس بسرعة البرق، بحيث باتت كنيسة دخول العذراء الى الهيكل للروم الارثوذكس في ساحة ساسين- الاشرفية، مسكن الايقونة، مقصد العشرات يوميا، وطوال ساعات النهار. صفّ من النسوة يتجه نحو الكنيسة. في الجهة الشمالية الخلفية للكنيسة، تحلّق عشرات حول السيدة وطفلها. كانت العيون مشدودة الى هذين الوجهين الالهيين المصليين، العذراء مريم والطفل الالهي المتوجين باكليلين من الفضة، والملتحفين بثوبين منقوشين فضيين، بحيث لم يظهر الا الجزء العلوي الاحمر القاتم من منديل مريم، والجزء السفلي من الرداء الازرق للطفل الالهي.
تلقائيا، ترسم الايدي اشارة الصليب، تلمس الاصابع الزجاج، تتبرك، تقبّل الشفاه "السيدة" وطفلها، تتمتم بعض الكلمات، تهمس، تنحني الرؤوس خشوعا، تنساب دموع على الخدود، وتفيض النفوس بصلوات وكلمات رجاء. "السلام ع اسمك"، تقول احداهن بتأثر. تتمتم اخرى كلاما غير مفهوم. تتمسك واحدة بمسبحة، تلصقها بالزجاج لتباركها. يضيء آخر شمعة، تحت انظار مريم والطفل يسوع، على نية احباء.
من بعيد، وقفت سيدة تتأمل العذراء، دامعة بصمت."قلبي يتحرك عندما انظر الى الايقونة الراشحة زيتا"، تقول لـ"النهار". "نعم العذراء قادرة على ان تقوم بالعجائب. ساعة تشاء". كانت السيدة في مهمة مصيرية. "ابنتي مريضة جدا. وسألت العذراء ان تشفيها". مسحت دموعا عن خديها، نظرت الى العذراء راجية، قبل ان تعود ادراجها.

"بكت... وعجائبها كثيرة"

على وقع حركة شبه متواصلة لعشرات المؤمنين، بات المكان يعيش اخيرا. قبل نحو عشرة ايام، بدأ كل شيء بمشاهدة عدد من زوار الكنيسة شيئا غير مألوف على الايقونة. "رأينا عليها، وتحديدا على يد الطفل يسوع، نقطة زيت"، يروي كاهن الدير والرعية المتقدم في الكهنة الخوري الياس فرح لـ"النهار". "عادة، نشكر. وقد صلينا يومها صلاة البراكليسي، وصلاة المديح. ولاحقا، زاد الزيت اكثر، بحيث امكن المؤمنون رؤية الزيت اكثر، وخصوصا انه انتشر الى عنق السيدة، وعنق الطفل ويده".
بداية، كان القرار "ان نشكر الله ولا نقول شيئا"، يقول الخوري فرح. لكن بما ان "النعمة لا تخفى"، على ما يؤكد، بدأ الناس يتناقلون الامر بين بعضهم البعض، وارتفع عدد المتبركين من عشرات الى مئات تغص بهم الكنيسة يوميا من السادسة صباحا. ولا تقفل الابواب حتى الثانية عشرة منتصف الليل، اذا اقتضى الامر.
ايقونة السيدة العذراء قديمة جدا، "يزيد عمرها عن 100 عام، وكانت لدى مؤسسة الدير الام كاترينا"، على ما يفيد الخوري فرح. وعلى مرّ الاعوام، اثبتت عجائبيتها مرارا، "وباتت معروفة بعجائبها الكثيرة". فهي الايقونة نفسها التي بكت عام 1975 في بداية الحرب. "اذا نظرت الى وجه السيدة، امكن رؤية آثار مجرى الدمع"، يقول الخوري فرح. وقبل نحو 20 عاما ايضا، رشحت زيتا. "دائما هناك عجائب. ونسمع من كثيرين عن امور خارقة حصلت معهم، بعد سؤالهم سيدة الايقونة التشفع لهم".
قبل مدة، وقبل ظاهرة رشح الزيت، اخرج الخوري فرح وراهبات الدير ايقونة السيدة من وراء الزجاج، الى وسط الكنيسة، حيث تحلق حولها المؤمنون مصلين. كانت صلاة المديح (للعذراء مريم) الاولى في زمن الصوم. عادة، تُخرَج الايقونة مرتين سنويا فقط، في مناسبة صلاتي المديح الاولى والخامسة في الصوم، قبل اعادتها الى مركزها وارء الزجاج. ومرة واحدة سنويا، تلمع احدى الراهبات ثوبي العذراء والطفل الالهي الفضيين.
يقول الخوري فرح ان "هذا الزيت الراشح بركة ونعمة. وقد اعطتنا العذراء كل خير. الشكر لله. ما نشهده نعمة، نشكر الله عليها. والمؤمنون يتهافتون لشكر الله، ونحن نصلي، وان شاء الله يكون بركة لهم". ويشير الى "اننا نصلي الى الله بحرارة كي يسمعنا. وقد تكون هذه الظاهرة اشارة منه الى انه يستمع الينا، ويسألنا ان نصلي اكثر".
كل يوم، تُسأل والدة الله والطفل يسوع الكثير الكثير. "عليها السلام" يكرر بعضهم مرارا. احداهن سألتها الشفاء، "لانني مريضة". اخرى تريدها "ان تحمي لبنان. نعم، لقد صليت لها وطلبت منها امورا عدة".
اما بهيج فيقول ان "السيدة العذراء تريد ان تقول لنا، من خلال هذه الظاهرة العجائبية، انه من الضروري ان يعود الناس الى ايمانهم المسيحي". كل يوم، ستكون السيدة العذراء والطفل يسوع في انتظار المؤمنين، مع بركات جديدة، وربما "دموع" كثيرة من الزيت السماوي.
ANNAHAR

No comments:

Post a Comment